ساهم التطور العلمي والتقني، خلال العقود الماضية، في التوصل إلى تطبيقات حديثة بنيت على أسس مستمدة من نظم وتصميمات معقدة تتلاقى فيها علوم الميكانيكا والالكترونيات والكمبيوتر والتحكم التلقائي. وانطلاقاً من هذه الانجازات بدأ العمل على تطوير تكنولوجيا أدخلت البشرية حقبة جديدة تُعرف اليوم بعصرِ الروبوتات التي تقوم على مثلث مترابط مكوناته علوم الميكانيكا والذكاء الاصطناعي والتحكم الذاتي حيث أعفت البشر من مخاطر عديدة. وقد شكّلت هذه المفردات العناصر المستخدمة في التقدم الصناعي والتجهيزات المنزلية والعلوم والترفيه والأغراضِ السلمية والعسكرية.
وتقول مجلة “فوكس” البريطانية، في تقرير حديث لها، إن قدراً من أجمل تصميمات التطور في علم الروبوتات يجري محاكاته لبناء روبوتات ذات قدرات فائقة، مثل تسلق الجدران الرأسية والقفز. ولكن الحقيقة هي أنه لو قدّر للروبوتات أن تصبح جزءاً رئيسياً من عالمنا، فإنها سوف تضطر أولاً للتخلي عن هيئة صندوق القمامة ذي العجلات، والاعتماد على شئ عضوي كليةً، فيما يعرف بـ”الروبوتات البيونية”. وبعد عقود من الصورة التي ظلت راسخة في أذهاننا عن طريقة حركة الروبوت وأدائه وهيئته، تشهد الروبوتات هذه الأيام تحولات جذرية حيث يعكف خبراء في الروبوتات من جامعات وشركات خاصة، على حد سواء، على استلهام هذه الخصائص من مملكة الحيوان. ففي نهاية المطاف، لماذا يتم ابتكار حلول لمشكلات أمضت الطبيعة ملايين السنين من المحاولة والخطأ في إيجاد حلول لها؟
وألقت مجلة “فوكس” الضوء على خمسة نماذج لروبوتات بيونية قادت هذا التوجه الجديد في المزج بين علم الأحياء والروبوتات، وهي على النحو التالي:
إكسيروبوت
وهو عبارة عن روبوت يتميز بوجود عضلات وعظام وأوتار، قام بتطويره فريق من الباحثين في جامعة ساسكس، بقيادة البروفسور أوين هولاند. يقول هولاند: “يحتوي إكسيروبوت على جذع وذراعين ويتألف من مكونات أشبه بالعظام”. ويضيف: “تم تشبيك هذه العظام ونقلها من خلال أنسجة رقيقة على شكل حبال مطاطية موصولة بمغازل من خلال أوتار”. ويعد الهدف الرئيسي وراء ابتكار “إكسيروبوت” هو استكشاف العلاقة بين الجانبين الحركي والمعرفي.
روبوت شيتا
وهو روبوت على شكل قط كبير أو فهد يتميز بالقدرة على القفز حيث يعتبر أسرع جهاز ميكانيكي يسير على أربعة أرجل، وقام بتطويره باحثون من شركة “بوسطن ديناميكس”. وبمساعدة البروفسور ألان ويلسون، وهو أستاذ علم الثدييات سريعة الحركة في الكلية الملكية للطب البيطري في لندن، استطاع الباحثون تحديد الصفات التي تساعد الفهد على الوصول إلى هذه الحركة الفائقة.
روبوت إيكوبوت 3
وهو عبارة عن روبوت له أمعاء تشبه أمعاء البقرة وله قدرة على هضم أي شيء تقريباً. ويستمد هذا الروبوت طاقة التشغيل من التهام الحشرات الميتة والفاكهة الفاسدة والأصداف. وتم تطوير “إيكوبوت3” على يد باحثين في معمل بريستول لأبحاث الروبوت، وذلك في إطار شراكة بين جامعتي بريستول وويست إنغلاند في بريطانيا. وتحتوي كل خلية وقود في معدة الروبوت على وسط من بكتيريا الجوع تتغذى على أي شئ عضوي.
روبوت بيوتاك
وهو عبارة عن روبوت له يدان بأصابع تشبه اليد البشرية، ذات قدرة عالية على الإحساس تفوق البشر، فضلاً عن وجود عظام وجلد اصطناعيين. يقول البروفسور جيرالد لويب، استاذ علوم الروبوتات في جامعة “ساوثرن كاليفورنيا” التي تم فيها تطوير “بيوتاك”، على الرغم من السرعة والكفاءة التي تتميز بها هذه الأنواع من الروبوتات، فإنها تقوم بهذه المهام بحماقة دون أي شعور.
روبوت تي بي سي بي-2
هو روبوت له القدرة على تسلق الجدران الرأسية لتتم الاستفادة منه في صعود واجهات ناطحات السحاب لتنظيفها، أو لكي يشق طريقه خلسة عبر مبنى خطر في منطقة حربية. فلو أن المادة اللاصقة التي يستخدمها الروبوت مبللة فسوف تترك أثراً، لذا فإن الأمر يتطلب استخدام مادة لاصقة خشنة.
المكسب الحقيقي لاستخدام الروبوت
سوف يضع هذا التطور نهاية لعصر الروبوتات التي تسير على عجلات وتحركها غيارات السرعات وحزم البطاريات، لتحل روبوتات ذات عضلات وأرجل ومعدة حيث ستكون أسرع حركة وأكثر رشاقة ومهارة لتتوافق إمكانيتها مع نمط الحياة التي يعيشها البشر. وربما يأتي اليوم الذي تشارك هذه الروبوتات البيونية البشر في مائدة الطعام. لكن المكسب الحقيقي في هذا التطور هو الأمل المتزايد في أن تؤدي محاكاة الأنظمة البيولوجية إلى تسريع دراماتيكي في التنافس للحصول على أنظمة ذكاء اصطناعي حقيقية. فمن خلال التفاعل مع عالم الروبوتات الشبيه بالبشر، سوف يكون للروبوتات القدرة على التفكير مثل الإنسان