هل باتت اللغة قاصرة في زمن وسائل التواصل الاجتماعي؟

في آخر إحصائية لعدد مستخدمي الانترنت بالعالم تم تسجيلها في شهر حزيران لعام 2019 وصل العدد إلى ما يقارب (4,536,248,808) مستخدم من أصل (7,716,223,209) نسمة هو عدد سكان العالم تقريباً وفقاً لنفس الإحصائية.[1]

هذا الرقم المتصاعد من مستخدمي الانترنت وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي في عصر التكنولوجيا والمعلومات فرض علينا الوقوف عند قضايا وظواهر بدأت تطفو على السطح تدريجياً ضمن هذا الحقل، ولا نبالغ في وصفنا لها بأنها باتت تشكل حالة تحدي ووجود تستدعي كامل المتابعة والاهتمام. وظاهرة الرموز التعبيرية (emojis) التي تنتشر في تطبيقات الانترنت و وسائل التواصل الاجتماعي هي أحد هذه الظواهر، حيث نجد أنه في السنوات القليلة الماضية كان هنالك ما لا يقل عن (3,178) رمز تعبيري ( emoji ) تم احصائه وهو بمتناول مستخدمي الانترنت في حال أرادوا استخدامهم، وقد جاء الاصدار الأحدث من الرموز التعبيرية (Emoji 12.1) ليضيف ( 168) رمزاً جديداً في عام 2019 [2]

و الـ ايموجي emoji : مصطلح ياباني الأصل ويعني اصطلاحًا الصور الرمزية أو الوجوه الضاحكة المستخدمة في كتابة الرسائل الإلكترونية اليابانية وصفحات الويب. أصل الكلمة هو نحت من كلمتي e والتي تعني صورة، و moji التي تعني حرف أو رمز.[3]

وفي استعراض سريع لوسائل التواصل الاجتماعي وما يدور فيها تجد أن هذه الرموز أضحت هي اللغة الأكثر استخداما بين رواد هذه التطبيقات، فتجد البعض إذا أراد التعبير عن حالة أو شعور أو رغبة أو قرار يستحضر هذه الرموز بدلاً من ايصال المطلوب بلغته الأم!

عندما شاهدت هذه الرموز للمرة الأولى، اعتقدت أنه من المستحيل أن يصل الحال بمجتمعاتنا العربية أن تستخدم هذه الرموز والاختصارات المنتشرة على هذه التطبيقات كأداة للتواصل والتراسل وإنما هي حالة من حالات الترفيه، لكن الآن وبعد المراقبة والمتابعة لواقع اليوم، وكلما فكرت في الأمر، كلما أدركت أن الوضع أخطر مما أعتقد.

الكارثة تحدث بالفعل. نحن نكتب رسائل إلى أصدقائنا وإلى جانب كل منها الرموز التعبيرية الإلزامية. غالبًا ما نستخدمها للتأكيد على شيء ما، ولأن هذا الرمز المحدد ينقل أفكاري وعواطفي بشكل أفضل بكثير مما كنت أستخدمه من الكلمات. وعليه نتساءل، مع استخدامنا المفرط لهذه الرموز التعبيرية، هل نفقد جمال وتنوع مفرداتنا؟ هل تقيد الرموز التعبيرية (emojis) لغتنا وتواصلنا؟

تحتوي اللغة العربية على أكبر عدد من المفردات في العالم، ولكن من يقول ما سيكون عليه الحال في المستقبل؟ ربما سيكون لدينا لغة أقصر، مليئة بقول “وجه البكاء” في حالة حدوث شيء محزن أو استخدام اختصارات مثل LOL (الضحك بصوت مرتفع) بدلاً من قول العبارة الكاملة. فهل هذا يعني أن لغتنا ستنكمش؟ هل هي بداية حقبة جديدة ومثيرة؟ هل سينظرون إلينا مرة أخرى في المستقبل ويقولون إن هذا هو المكان الذي بدأ كل شيء فيه -اللغة الجديدة؟ أم أن هذه حالة كلاسيكية للأجيال الأكبر سناً تقول: “لم تكن الأمور هكذا عندما كنت أصغر سنا. لمَ نستخدم الرموز لإظهار عواطفنا؟

ومع ذلك، عندما تنظر إلى الوراء بمرور الوقت، كانت قوة الصورة موجودة دائمًا. حتى في عصر ما قبل التاريخ، استخدموا الصور للتواصل، والأمر الأكثر غرابةً هو أننا قادرون على تحليل تلك الرسومات وفهم معنى هذه الصور بعد آلاف السنين. الصور لديها القدرة على تجاوز الوقت واللغة. الصور، سواء كانت لوحات كهفية أو رموز تعبيرية، تسمح لنا بنقل رسالة ليست تقييدية بل عالمية.

لكن، هل حقاً باتت اللغة قاصرة في زمن وسائل التواصل الاجتماعي؟ وهل لغتنا باتت في خطر تستدعي منا وقفة تأمل ومبادرة عمل لوقف هذا المد الخطير لهذه الظاهرة المخيفة الي باتت تهدد لغتنا في عصر المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي؟

المراجع: 

[1] https://www.internetworldstats.com/stats.htm, 2020.
[2] https://emojipedia.org/faq/, 2020.
[3] https://en.wikipedia.org/wiki/Emoji

غسان ممدوح الاصباشي

Ghassan Mamdouh Alassabashi